احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

وصاية .


لم أعد أعرف يا نورة كيف أبسط يديّ أمامي مثل عجوزٍ أنهكها الزمن وهي تدعو لأبنائها العاطلين ! سأكتبها لك .. وأنتِ على الأرجح تجلسين في غرفتك وربما كنتِ تستمعين لأغنية حزينة! أو تقرأين قصيدة لأحدهم تصوّر أن حظّه العاثر تضاعف اليوم .

كنت قد فكرت أن أكتب عن التجاهل .. حالة التعادل التي لم يخنها القدر , وترك لها باباً يخرجك من عالم إلى نفس العالم . الدائرة نفسها التي أفسدت فرحة ايرينديرا في رواية ماركيز .. حين هربت من جدتها إلى أولسيس .. عادت بمأساة أخرى وهي تغمض عينيها عن الفاجعة ” أريد أن أموت متيقنة من أني سأدفن تحت الأرض كالناس المهذبين ” .

ترددت…! لأني طلبت منكِ أن تكفِ عن الضجر والتذمر ! ترددت لأن الصمت أحياناً على الرغم من ترهله أكثر نضجاً من الكلام الذي يدفعه صوت الحزن إلى البكاء .

فكرت كثيراً قبل أن أشرع في الكتابة .. هذا العمل الذي لا يساوي شيئاً في الواقع أكثر من محاولة إختيار مصورٍ بارع يلتقط مشاعرك في لقطة فجائية . وأظن هذه اللقطة تشكلّت هنا.. في هذا المكان .. وفي لحظةٍ من التعبير الذي أفتقدَ لمهارة التراجعِ عن الكتابة .

أستطيع أن أخبرك عن قصة الولد الذي فشل في رؤية أباه حين كان يلفظ أنفاسه الأخيرة , جاء يركض من خارج العزاء , وهو يعبر الناس الذين رآهم لأول مرةٍ لا يشبهوه , كان يشعر أنه سيفتقد شيئاً سيحوله مع الأيام إلى شخصٍ غير مكتمل أقل من الناس أكثر من الحزن الذي كانت أمه تحشوه في رأسه ” لابد أن اباك مات وانت يجب أن تبقى لي ” .

تذكر حديثها وهو يقف أمام المصعد ! لم يكن يدور في رأسه حينها سوى مشهد أمه وهي تضرب بيدها على الحائط , كان حزنها حقيقياً وهي لا تبكي!… كان حزنها في الحقيقة صامتاً ..و عندما أختارت البكاء ذهبت إلى العزلة ذهبت إلى هناك لأنها أم يبكن بناتها .. دخلت إلى غرفة مظلمة ,والعالم ينطفيء في وجهها ! و هي بكل صمت كزوجةٍ مخلصة تصب دموعها محشورة في الزواية .

تنبه لذلك وهو يقف أمام المصعد! لاشك أنه يدين للإنتظار بتجربة قصيرة مع الصبر .. ثواني فقط وهو يتذكر ماذا حل بأمه من فاجعة ! فتح المصعد أمامه و الناس يتدافعون كأنهم يتركون له فرصة معانقة أباه الميت منذ دقيقة ! لكنه بعد خطوةٍ أولى تهاوى مثل لا شيء .. بدأ في بكاءٍ طوييييييل .. أطول في الحقيقة من التفكير الآن كيف بدأ ذلك و لماذا أنتهى ؟.

مضيت بعدها مثل السنين التي تمضي إلى طيّ أعمارنا .. أستيقظت كثيراً يا نورة وأنا أشعر بفرحة عارمة .. ليس لأن حلماً جميلاً تراءى لي وأنا أمتلك قصراً وتمشي بجواري سيدة سقطت من فتنتها جنةً على الأرض كانت إبنتي .. أستيقظت ليس لأني موعودٍ بخبر سار .. أستيقظت بتلك الطريقة الدائمة .. لأن اليوم الذي يبدأ بالحزن هو محسوبٌ على أيامِ موتنا .

     أنا أفهم تذمرك ..أعرف هذه المشاعر جيداً .. أقيسها بطول هذا الولد الذي ينكب في كتابة شيء لك اشبه      بالوصاية ( على الرغم من كوني لا أحترم هذا النوع من الحديث ) . يحدث يا نورة أن تزرع منّا الخسارات المبكرة .. اشخاصاً مترددين .. يشعرون بضيقٍ في صدورهم كلما حلت بهم فرحة عابرة .. يحدث أن نبقى على إحتمال التعرض لغش .. على إفتراض تحول عواطفنا إلى حالة متأخرة من الشك , أنا أعرف هذا الضجر .. لو صنعت شيئاً من ذاكرتي على هيئة إنسان .. سيخرج لكِ بدون فم .. بدون عينين .. بدون أنف .. بدون ملامح ! وكأن ما حل به .. هو انه تشكل فقط لكيّ يفتش في وجهه عن معماري أنيق قد يلقيه الحلم مثل قدرْ ! .. يرسم إبتسامته الدقيقة بحوافِ أيامه القادمة .

 

تذكرت فقط كيف كان صديقي يبكي لأن أباه توفي وهو في سن صغيرة .. كان يبكي وفاة أباه متأخراً .. لكنه جمع بكاءه كشخصٍ آخر في سيارتي , كنا نقطع الطريق الطويل متجهين إلى منطقةٍ لا نعرفها ! كان يغص بالكلمات و أنا صامت أتخيّل أني اغمضت عينايّ كثيراً لكن شيئاً في الطريق لم يحدث ! كان يحب فتاة من نفس القبيلة . وفي اليوم الذي تقدم فيه لخطبتها تجاهلوه ! كأن أحداً لم يزرهم .. كأن أحداً لم يقل لهم ” اريد إبنتكم زوجةً لي ” .. بكاء الكرامة الذي حولني معه إلى شيئاً أشبه بمطرودٍ من الوطن و آخر يحاول إعاقة طريقه بأنه أفضل شابٍ في الدنيا .

تذكرت .. لأن صديقي هذا الذي رفضه والد الفتاة بحجة يتمه وفقره ! فقره المدقع يا نورة . يتصل بي بعد أن خرج من الكلية الأمنية لقضاء الإجازة التي يتقاسم معكِ فرحتها . كان فقيراً وانتصر ! أنتصر لأن الله يضع للقلوب الطيبة مواعيد لتحقيق أحلامها المؤجلة . ( هذه جملة تشبه كتابة علوان مع اني صرتُ لا احبها ) .

فـ ليؤجل الله تذمرك إلى حيث لا يأتي مرةً أخرى .. وأنتِ تنتصرين لنفسك..إنتصارك الذي أفزع ايليا عندما كانت إمرأةً تموت تحت الأنقاض وهي تخبر ابنها الجريح ” لا تبكِ يا ولدي , كف عن البكاء , أستغرقت والدتك وقتاً طويلاً قبل أن تدرك أن للحياة معنى . آمل أن أكون قد نجحت في تعليمك هذا ” .



ملاحظة :

كتبت هذا النص .. قبل عدة أشهر
في مكانٍ ما .. و كان يحمل اسماً آخر
جرى تغيير الإسم .. ولم يتغير النص!


تحذير: لا ترقي جهازك الـ iOS الى 5.0.1 !  

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق

10:15ص | 28 كانون الأول، 2011
شكراً عنوان الموقع .. بوسعك الآن .. إختيار عنواناً آخر كـ " تشاهد فيلماً حزيناً وتضحك " .أنسي هذه الكتابة وأستمري في مشاهدة الفيلم عندما تتوقفين عن الضحك . سيكون الفائض من البكاء يكفيك
10:55م | 27 كانون الأول، 2011
كأن شيئًا في هذا الصباح قرر أن يقتل نفسًا طيبة تشاهد فيلمًا حزينًا وتضحك . هذه الأرض ماعادت لنا .ترددت لأن الصمت أحياناً على الرغم من ترهله أكثر نضجاً من الكلام الذي يدفعه صوت الحزن إلى البكاء .*يحدث يا نورة أن تزرع منّا الخسارات المبكرة .. اشخاصاً مترددين .. يشعرون بضيقٍ في صدورهم كلما حلت بهم فرحة عابرة *هذا الفائض من البكاء يكفيني .
01:35م | 27 كانون الأول، 2011
النص لا يعني شيء .. سوى أنه حالة كتبت عنها في ليلة قديمة! وحتى أني غيّرت الأسم من تلك إلى نورة .
مريم
10:36ص | 27 كانون الأول، 2011
لدي فضووول لفهم مآسآتك !! من هي نوره حبيبتك !!